25‏/02‏/2017

الوحدة الصحية.. بين الإخوان والدولة المصرية

ده واقع مصر الان في اغلب الكفور والمدن ............مصر علي فين ؟!!!


• تقع إحدى الوحدات الصحية فى الإسكندرية على الطريق الزراعى السريع، أمر عليها كل يوم فى الطريق إلى عيادتى القريبة من هذه الوحدة التى تخدم حيا فقيرا ممعنا فى الفقر، ازداد الحى فقرا وحاجة بعد ارتفاع الأسعار، كان الإخوان قبل سجنهم يقدمون خدمات اجتماعية ودينية لهذا الحى، الآن لا يجد الحى عطفا من الحكومة أو الإخوان، حتى رجال الأعمال الذين كانوا فى عهد مبارك يترشحون للانتخابات ويغمرون الحى الفقير بالعطايا والهبات توقف عطاؤهم لسبب أو لآخر.

• حائط الوحدة الصحية يطل على الشارع الرئيسى الذى تعبره فى اليوم قرابة عشرات الآلاف من السيارات باعتباره طريقا رئيسيا لكل القادمين من الدلتا أو الذاهبين إليها.

• منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق مرسى وحائط الوحدة الصحية يملؤه الإخوان وتلاميذهم بعشرات الشعارات المضادة للرئيس والحكومة والنظام.

• تكتب الشعارات فى الفجر، ترتعد أوصال مدير الوحدة صباحا فيسب ويلعن اليوم الذى قذف به مديرا لهذه الوحدة، فلو ترك هذه الشعارات قد يتهم بأنه إخوانى أو متعاطف، وقد يفصل من عمله، أو يسجن، أيسر المآلات أن يفقد وظيفته، يستدعى الفراشين على عجل، عمله الأهم والأولى بالرعاية مسح الشعارات، لو لم يجد فى ميزانية الوحدة مالا دفع من جيبه لمسحها.

• يهدأ قليلا بعد مسح الشعارات، فليذهب المرضى إلى الجحيم، الميزانية السقيمة للوحدة تذهب فى إزالة الشعارات، يطمئن إلى أن أى كلمة من هذه الشعارات لا تظهر ولو من بعيد.

• يأتى الفجر القادم فتكتب الشعارات مرة أخرى، يأتى المدير صباحا فيركبه الهم اليومى ويظل مهموما بشىء واحد هو إزالة الشعارات.

• لعبة القط والفار تتكرر كل يوم، لا الإخوان توقفوا عن كتابة شعاراتهم فى هذا الحائط المغرى، ولا المدير توقف عن طمسها، كل منهما يعتبر مهمته مقدسة، ويعتبرها دفاعا عن نفسه فى المقام الأول.

• لا الشعارات أسقطت النظام بل زادته قوة وبأسا وتنكيلا بالإخوان، قلد الجميع الإخوان فى الكتائب الإلكترونية وغيرها، والمدير يظن أن هذه الشعارات يمكن أن تقلب البلد رأسا على عقب لو تركها يوما واحدا.

• الإخوان والمدير لا عمل لهم إلا ذلك، كلٌ ترك مهامه الحيوية ورسالته الأساسية فى الحياة ليتفرغ لهذه الحلقة المفرغة من الصراع السياسى الساذج.

• الأمر أكبر من الوحدة الصحية وجدرانها المغرية لكلا الفريقين، لم يفكر أحد الطرفين فى جدوى هذا الصراع السياسى الذى عطل الوحدة الصحية، وعطل مصر عن الانطلاق.

• إذا اعتبرنا أن مصر كلها بمؤسساتها وإعلامها وشرطتها لا هم لها سوى هزيمة الإخوان ودحرهم وملاحقتهم وسجنهم، تجار المخدرات يسرحون ويمرحون، البلطجية أكثرهم يتلقى رعاية سامية لأنهم أفادوا الحكومة أيام مظاهرات الإخوان، أسلحة العائلات فى الصعيد لا يقترب منها أحد فهى رصيد استراتيجى لصد هذه العائلات للإخوان إذا استلزم الأمر ذلك.

• الإخوان ظلوا ثلاثة أعوام يريدون إسقاط النظام، اليوم يأسوا من هذا الهدف ويريدون ما هو أقل من ذلك.

• مصر كلها يأكلها الصراع السياسى المتكرر بين الحكومة والإخوان، والحصيلة أن مصر دوما فى المؤخرة فى الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والتعليم، والإخوان ومعظم الإسلاميين فى السجون والمعتقلات يقضون فيها نصف أعمارهم تقريبا.

• تكرر المشهد مرارا ومنها فى الأربعينيات فى أواخر عهد الملك فاروق حينما أصدر النقراشى قرارا بحل جماعة الإخوان قانونا، كان يمكن الصبر على القرار أو الالتفاف حوله، لكن النظام الخاص عاجل النقراشى برصاصاته، ردت الدولة على قتل رأس الدولة باغتيال رأس الدعوة، الدول شرسة وعنيفة مثل الجماعات ولكنها تفعل ذلك فى صمت وفى ذكاء ودون ضجيج أو إعلان وليس مثل بعض الجماعات التى تفخر بالاغتيالات وتشيد بالتفجيرات.

• جاءت ثورة 23 يوليو فساند الإخوان الثورة نكاية فى فاروق دون أن يعلموا أن القادم أخطر عليهم وأصعب، الملوك لهم حدود فى العداوة، أما الضابط الشاب عبدالناصر فلا حدود عنده إذا صارعته على السلطة أو حاولت أو حتى فكرت فى اغتياله.

• عامان فقط من الوئام بين الإخوان وناصر كلاهما أراد أن يزيح الآخر من السلطة ورأى أنه الأحق بها، انتهى الصراع بينهما بمحاولة اغتيال فردية فاشلة تلتها الإعدامات والمحاكم العسكرية والتعذيب والسجن الحربى، الضابط الشاب صدره أضيق من الملوك عامة ومن فاروق خاصة.

• كادت مأساة الإخوان فى الخمسينيات أن تختفى، فبدأت مأساة الستينيات، عشر سنوات فقط بينها محاكم عسكرية أخرى وسجون وتعذيب أشد لاكتشاف المخابرات الحربية تكوين تنظيم يقوده الأديب سيد قطب للإطاحة بحكم ناصر.

• كان التنظيم فى مهده، يتكلم أفراده كثيرا ويحلمون طويلا بإسقاط نظام الرئيس ناصر، كل الأحلام والكلام يحاسب عليها الإسلاميون دائما وكأنها تحققت، خطيئة تتكرر منهم كل عشر سنوات تقريبا.

• أنصح الإسلاميين دائما: «تكلموا فى أى شىء إلا عن العنف أو الاغتيالات أو إسقاط الأنظمة لأنكم ستحاسبون على ذلك حساب الملكين»، ولكن لا أحد يستوعب الدرس.

• انفرجت الأمور مع قدوم السادات تصالح مع الإسلاميين، ولكنهم اندفعوا خلف أكثر اليساريين والناصريين الذين حرقوا الأرض تحت السادات، حولوه لخائن لأنه أراد السلام بعد نجاحه فى الحرب، لو أنجز عبدالناصر هذين الانجازين لرفعوه إلى السماء كراهيتهم للسادات لها مبرر لأنه أقصاهم، ولكن الإسلاميين اندفعوا خلفهم، اليساريون والليبراليون أذكى من الإسلاميين لأنهم لا يقعون فى العنف والاغتيالات الذى يضيع على الإسلاميين كل شىء ويعيدهم دوما للمربع صفر.

• أخطأ السادات بالتحفظ على الآلاف من كل الأطياف فى سبتمبر، وانفلات لسانه فى آخر عهده أضره، ولكن كل تلك الهنات لا تصمد أمام حسناته العظيمة وأهمها نصر أكتوبر.

• اغتالت الجماعة والجهاد السادات ظلما وعدوانا، ضاع نصيرهم، امتلأت السجون عن آخرها، دارت عجلة التعذيب دورتها، هدأ مبارك بعد صراعات شديدة مع الإسلاميين، كان الإخوان أعقل الجماعات فى عهد مبارك.

• فى آخر عهد مبارك خلت السجون السياسية من الإسلاميين، كانت السجون أفضل سجون المنطقة العربية فى سنواته العشر الأخيرة، توقف التعذيب للسياسيين. جاءت ثورة 25 يناير فخرج الباقون من السجون جاءت ثورة 30 يونيه فوقعت نفس أخطاء سنة 1954 ودخل الإسلاميون مرة أخرى إلى السجون، نفس القصة تتكرر «إنها حقا قصة الوحدة الصحية».

للمفكر الاسلامي
ناجح ابراهيم 

ليست هناك تعليقات:

شاهد مستقبل مصرعلي البنترست