25‏/12‏/2016

اني عربية

صلاح الدين الايوبي
ليس ذنبى أنى ترعرعت على سير الأبطال وقصص الفتوحات الإسلامية، حتى أصدم اليوم والشيب يغزو رأسى بمتواليات انبطاحية عفّى عنها الخجل والاستحياء، فأضحى التزلف إلى أمم - كانت ترتعد فرائصها عند ذكرنا - منهجًا ومنوالاً عند العرب.
لذا اسمحوا لى أن أفغر فاهى وأضحك ضحكًا هو كالبكاء، على حالنا الرث ومصر تسحب مشروع قرار يدين الاستيطان بحجة أن العرب لم يتفقوا حوله بعد!
هل رأيتم من قبل ذئابًا تحكم على رئيسها بالموت بناءً على طلب من الأغنام؟ يمرح ذئب الشرق الأوسط ويعيث فى بلادنا الفساد، فلا نملك حتى "طلب" رد جماحه قليلاً، ولو من باب استرداد كرامتنا التى علقت على أبواب مدن الفرس والفرنجة.
هل تتذكر "مجدو" الساحرة التى احتلت آية فى التوراة انتصاراتنا؟ هل ما زالت حوافر خيول تحتمس الثالث فى رحلاتها الـ16 محفورة على تلال أسوار المدينة، والتى لم يرهبها تكالب الأمم فلم يبرحوا حتى تمام النصر؟
هل مازالت رسائل تل العمارنة تذكر أمجادنا؟
ماذا عن قادش؟ التى آيس الصبر 15 عامًا فلم ييأس جنود رمسيس الثانى حتى غلبوه وانتزعوا انتصارًا دام دوام الدهر.
ماذا عن حطين؟ وماذا عن صلاح الدين؟ هل تتذكر النسور كيف كانت أرض اللقاء بين الجيشين المسلم والصليبى مرتعًا لهم دام سنين؟ وقول ابن الأثير "فكان من يرى القتلى لا يظن أنهم أسروا أحدًا، ومن يرى الأسرى لا يظن أنهم قتلوا أحدًا"؟
ماذا عن عين جالوت؟ وهل سألوا باب زويلة عن انتصاراتنا؟ هل مازالت أرض "بيسان" تكتم ما تحتها وترفض البوح بأسطورة المغول التى وهب لها قطز شرف الخاتمة؟
هل تتذكر "تبريز" خطوات هولاكو الذى أتعبها ذهابًا وإيابًا يفكر فى الانتقام فما وجد أمامه غير حلب؟
وآه من حلب؟ وآه من عرب ملتحفين بالإسلام مذاهب، يستنصرون أعداؤهم أن أغيثونا لأجل ملك زائل فى الدنيا، أين أنت يا معاوية وأين أحفادك من خلافك مع "علي" على الخلافة، فما أعطيتنا إلا ردًا أفحم التاريخ "أخان تشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما وتعلى من نباحك؟ إن لم تُخرِس نباحك أرسلت إليك بجيشٍ أوله عندك وآخره عندى يأتوننى برأسك أقدمه لعلي."
ماذا عن "عكا" وماذا عن القلعة وبرج الخزنة والجَبَخانة؟ هل تتذكر السماء وقع القنابل؟ أمازالت بين ثنايا الأسوار أسرارًا؟
لم يفتت من عضد الأمة المشركون، وتاهت بين المغضوب عليهم والضالين، ولم يبق أمامنا إلا القائمون الحاليون على أمور المسلمين، وكلما استصرخناهم أن استمعوا للتاريخ يحكى قصص أمجادنا، أن اتخذوه دليلاً، أن عودوا إليه يهدى لكم السبيل، قالوا ابنوا عليه بنيانًا قوامه الإرهاب والدماء أو انزعوه من صفحات الكتب، وقولوا إنه هباء، وإن التاريخ لا يعود إلى الوراء.
فهل صدقا ما يقولون؟ وهل مات فينا الأولون؟
أكره أن يكون جل ما نحلم به أن نحارب أنفسنا، وأن نقاوم الظلم والطغيان فينا، وننزع ما فى نفوسنا من أحقاد ونزعات عنصرية مذهبية أو عرقية، إذ تجعلنى أشعر بمشقة الطريق وبعد منتهاه، وأنه ما عاد فى العمر بقية، لأن أتطلع إلى ما عداه.
وأتمتع وأولادى بربوع سكنى زمن من صفحات كتب التاريخ، وأفتخر من جديد، أننى عربية.
منقول
للكاتبة  انجي مصطفى

ليست هناك تعليقات:

شاهد مستقبل مصرعلي البنترست