مقالة لجمال سلطان ادخلت السرور الي قلبي و نفسي ...عاشت ثورة 25 يناير.
*******************************
وقعت اليوم في الشهر العقاري على استمارة ترشيح "خالد علي" لرئاسة الجمهورية ، على الرغم من أني ربما لا أشارك في الانتخابات ولا أدخل أي لجنة انتخابية ، وربما لا يسمح لخالد نفسه أن يكمل مشواره فيها ، ولكني أحسست أن واجبي الوطني أن أسجل هذا الموقف وأن أنجز استمارة ترشيح الشخصية الوطنية الوحيدة حتى الآن التي تتبنى برنامج ثورة يناير وأشواقها وأهدافها وأحلامها في وطن أفضل .
لم أوقع تلك الاستمارة من أجل شخص خالد علي ، وإن كان هو يستحق ذلك لثبات موقفه الوطني وانحيازه الكامل لمصالح الوطن والناس ، وإنما وقعتها من أجل ثورة يناير ، أشرف لحظة في تاريخ مصر الحديث ، اليوم الذي شعر فيه كل مصري بكرامته وانعتاقه وحريته وكينونته ، اللحظة التي استحضر فيها الإنسان المصري عمق حضارته وتاريخه النضالي ، بعيدا عن الأغاني والأناشيد المزورة وخطابات الدجل السياسي التي احترفتها ديكتاتوريات متوالية وإعلامها الفاسد .
وقعت تلك الاستمارة من أجل مصر ، لأنها وطن يستحق أن نناضل من أجل نهضته وكرامته ومكانته التي تليق به في العالمين ، والتي تناسب عمقه الحضاري الذي يضرب آلاف السنين في دورات تطور الإنسان والإنسانية ، وطن لا يستحق أن يستعبد أو يستعبد أبناؤه ، أو أن ينظر العالم إليه وإليهم نظرة دونية ، نظرة الاحتقار ، نظرة "الكائنات" التي يجوز سحقها طالما هي تحلب لهم ضرع الوطن ليثرى الآخرون ويفتقر أبناؤها ، ويأمن الآخرون ويخاف أبناؤها ، وطن يستحق سلطة شرعية تعبر عن إرادته بالفعل ، وعن اختيار الشعب بالفعل ، وتخضع لإرادة الشعب بالفعل .
وقعت تلك الاستمارة تأكيدا على رفض خيار العنف السياسي بكل صيغه وأشكاله ، ورفضا للإرهاب ، وتأكيدا على أن النضال السلمي هو السبيل للتغيير في مصر ، وأن التداول السلمي للسلطة هو الخيار الوحيد لأي أمة كريمة وأي وطن يريد أن يزدهر ويعلو ويضع أقدامه بين الكبار ، وأن الإرهاب لا يخدم وطنا ولا يساعد قضية ، بل يدمر الأوطان ، ويخدم الديكتاتوريات ، وينشر الخوف ويبدد السلام .
وقعت تلك الاستمارة رسالة لكل من يعنيه الأمر ، أن أبناء ثورة يناير مصرون على الدفاع عن حلمهم ، مهما بدا الهدف مستحيلا في لحظة تاريخية ، وأننا باقون ، طالما الحلم باق ، وأن الاستبداد يمكنه أن يسجن الجسد أو يكمم الأفواه أو يحاصرك في قوت أولادك ، لكنه لا يمكنه أن يسجن الحلم فضلا عن أن يقتل الحلم ، وأن الذين راهنوا على أن رفع مستوى القمع والاستباحة يمكن أن ينهي أحلام جيل بكامله من أجل الحرية والكرامة والعدالة ، هم واهمون ، ورهانهم خاسر .
وقعت تلك الاستمارة وفاء لدماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم منذ 25 يناير وما بعدها من أجل الأمل في "العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية" ، لا يتحمل أي مؤمن بثورة يناير وزر أن يخون تلك الدماء الزكية ، ولا أن يتخلى عن الأهداف النبيلة التي ضحوا من أجلها ومن أجلنا ، أردت أن أقول لهم أننا على العهد باقون ، ومتمسكون بكل ما ضحيتم من أجله ، ولن نتخلى عن النضال السلمي من أجل هذا الوطن حتى النهاية ، وواثقون أن فجر هذا اليوم قادم ، فقط أن نصمد ونصبر ونطور نضالنا ، وثقتنا وإيماننا بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا .
وقعت تلك الاستمارة لكي أرسل رسالة من خلالها إلى الأجيال الجديدة ، بأن الاستسلام للإحباط هو نوع من الانتحار البطيء ، وأنه هو الآخر خيانة للثورة وللوطن ، وأنك لست مسئولا عن النصر وإنما مسئول عن إخلاص النية في نضالك ، وعن الاستمرار في نضالك ، وعن تطوير أدوات نضالك ، وعن إبقاء الأمل حيا في قلوب الناس وخاصة الأجيال الجديدة التي تستحق حياة أفضل مما عشناه ، ووطنا أرقى مما عايشناه ، لا تنظروا إلى ضخامة الجدر ، وحجارة الطريق القاسية وعوائقه ، وانظروا إلى تجارب الأمم الأخرى التي عانت مثلنا وربما أكثر منا ، وصبرت حتى حققت أملها في الديمقراطية والعدالة والكرامة والحرية .
وقعت تلك الاستمارة ، لكي أعلن طي صفحة الفرز الأيديولوجي في الاختيار السياسي ، خاصة عندما تكون الأوطان في مرحلة تأسيس المقومات الأساسية للدولة الحديثة ، وترسيخ الديمقراطية وفكرة المؤسسية والفصل بين السلطات ، خالد يساري وأنا إسلامي ، ولكنه الشخص الذي أثق الآن في أنه يحمل على عاتقه تحقيق تلك المقومات بنبل وإخلاص ، وهذا ما نريده ، وفكرة الاختيار على أساس الولاء الإيديولوجي وليس الكفاءة تضر بالديمقراطية ، وتضر بأصحابها ، حتى لو تصوروا ـ على المدى القصير ـ أنها مصلحتهم ، وقد انتصر الجميع في ثورة يناير ، عندما انصهرت كل التيارات في أهداف الثورة وفي حلم الوطن ، لم نكن في ميدان التحرير ولا ميادين الثورة الأخرى نفرق بين يساري ويميني وإسلامي وليبرالي ومسلم وقبطي ومحجبة وغير محجبة ولا نسأل من الذي يهتف قبل أن نردد الهتاف وراءه ، وعندما بدأ الفرز الأيديولوجي تلاشت الثورة ، وخسر الجميع ، وهو الدرس الذي ينبغي أن يكون ملهما لخطواتنا الجديدة من أجل وطن أفضل يسع الجميع ويذوب في مصلحته الجميع .
أيا كانت الخطوات التالية ، حتى لو انسحب خالد علي من السباق بعد ذلك ، أو حيل بينه وبين أن يكمل مشواره في الانتخابات ، فلن يدفعني ذلك للندم على توقيع الاستمارة ، ولا أي جهد يمكن بذله ، وفي الأثر الجليل : (إذا قامت الساعة على أحدكم وفي يده فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها) ، ... وقد غرستها ، وعلى الله قصد السبيل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق