لماذا سقط نظام مرسي ؟
***************
- منذ انتصار ثورة يناير وضع الإخوان أعينهم على مفتاحين أساسيين للسيطرة على مصر، وهما: الأمريكان كداعم دولي، والجيش كداعم محلي، ولذلك عزز الإخوان اتصالاتهم بامريكا فذهبت وفود إخوانية عديدة إلى الولايات المتحدة لتوثيق الصلة وتقديم الضمانات والتأكيد على أنهم أهل للثقة في حماية المصالح الأمريكية في مصر ومنع توتر الأمور مع "إسرائيل"، وأنهم الجماعة الوحيدة القادرة على ترويض الجماعات الإسلامية في مصر،وكانت أرضية الثقة بين الطرفين متوفرة أساسًا منذ تحالف الإخوان مع الأجهزة الأمريكية في العراق بعد سقوط صدام، حتى أن الحزب الإسلامي (إخوان العراق) كانوا رمزًا "للخيانة" في أدبيات الإسلاميين قاطبة، خاصة في منطقة الخليج، وكذلك في التجربة الأفغانية من خلال جماعة رباني....وشاه مسعود.
-عزز الإخوان من صلاتهم مع المجلس العسكري الأول، وتحديدًا مع اللواء عبد الفتاح السيسي، وكان الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الإخوان، حريصًا على علاقة ثقة عالية جدًا مع هذه الشخصية بالذات، فقد كان الإخوان يعتبرون أن السيسي هو مفتاح سيطرتهم على الجيش ، وقد وافق علي تعيينه بديل لطنطاوي بل وساعد في خروج طنطاوي عنان .
-جامل الدكتور مرسي الجيش في كل مطالبه وحتى الوضع الاستثنائي في الدستور، وهو ما اعترض عليه معظم القوى السياسية بمن فيهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لكن الإخوان أصروا عليه، لأنهم حسموا أمرهم بالتحالف مع الجيش ضد المعارضة وقوى الثورة الأخرى، كانوا يؤسسون لوضعية خاصة للقوات المسلحة كذراع قوية يحكمون من خلالها سيطرتهم على الدولة وأجهزتها، بنفس الطريقة التي مارستها أحزاب عقائدية أخرى، مثل حزب البعث العراقي والجبهة القومية الإسلامية في السودان وغيرها.
- الجماعة كانوا يسخرون من كل القوى ويستهينون بها، لأن تصورهم أنهم ملكوا الجيش ملأهم غرورًا وتعاليًا واستهتارًا بأخطائهم الكارثية التي كان الجميع يراها إلا هم، ورغم الكراهية وعدم القبول لهم في أكثر من جهاز أمني وإداري وقضائي، كانوا واثقين تمامًا من أن المسألة مسألة وقت، وأن سيطرتهم لا يهزها أي معارضة ولا احتجاجات مهما كانت، وحتى عندما أدركوا بوضوح أن شعبيتهم أصبحت في الحضيض في الأشهر الأخيرة، لم يكن ذلك يعنيهم في شيء، لأن الأمريكيين يوفرون الدعم الدولي خارجيًا . والجيش داخليا.
- كانت مرسي والجماعة والحكومة يرفضون الاستجابة لأي مطلب سياسي، حتى تلك المطالب التي كان يستجيب لها أي حاكم غير ديمقراطي ولكن يتمتع بأدنى درجات الذكاء السياسي، كطلب تغيير رئيس الوزراء أو تشكيل حكومة وطنية موسعة أو تصحيح وضع النائب العام، بل كان مرسي يمارس عملية تمدد الجماعة التدريجي بصورة اعتيادية أذهلت كل المراقبين، ففي الوقت الذي كانت فيه الحشود تقترب من الاكتمال ليوم 30 يونيه والجميع يتحدث عن الخطر، كان الدكتور مرسي غير عابئ أبدًا بما يجري، بل انشغل بتغيير المحافظين لتعزيز حصة الجماعة فيها ومضاعفتها، في خطوة شديدة الاستفزاز ولا تتوافق مع حالة الغليان في مصر كلها.
- خطب مرسي قبل أيام قليلة من الموجة الثورية الجديدة، لا لكي يقدم خطابًا تصالحيًا مع ملايين المصريين الساخطين عليه وعلى الجماعة، ولا لكي يفكر في حزمة إجراءات جديدة تعيد الثقة وتفرغ الاحتقان وتقلل من الانقسام الحاد في المجتمع، وإنما خطب بشكل صدامي عنيف، وهدد معارضيه بالجيش والقوانين العسكرية وذكرهم بأنه قائد الجيش الأعلى، وأنه قد يحاكمهم أمام المحاكم الاستثنائية العسكرية، وهدد الإعلام المعارض بغلق قنواتهم وقطع ألسنتهم وصعد المواجهة بعنف أكبر مع القضاة، وأهان أحد القضاة الكبار علنًا واتهمه بأنه مزور دون أن يعبأ بأي عواقب على هذا التهور الأسطوري من رئيس للجمهورية.
- كانت ثقة الجماعة مطلقة في قدرتهم على السيطرة، لأنهم يملكون (الجيش) ويستطيعون استخدامه ـ إذا لزم الأمر ـ لقمع أي معارضة أو احتجاجات شعبية، وقد اهتزت هذه القناعة للمرة الأولى بعد دعوة الفريق السيسي لاحتواء غضب الشارع خلال أسبوع، ولكنها لم تذهب تمامًا، وعندما أصدر الجيش إنذار الثماني وأربعين ساعة، أدركت جماعة الإخوان المسلمين أنها كانت تبني مشروعها على رمال متحركة، وأن كل شيء قد انتهى.
المقال منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق