
ماذا يحدث لمجتمع يعيش شعبه بالكامل في حالة خوف دائم ؟
فيصبح هو المحرك الرئيسي للناس والمتحكم فى مواقفهم والمسيطر على ضمائرهم .
و يكون مطلوبا من أصحاب الحقوق و الصادقين منهم ان يكونوا فدائيين ، ان هم أرادوا فقط ان يطالبوا بحقوقهم ، لا ان يحصلوا عليها .
فما الذي يمكن ان يترتب على ذلك ؟
* * *
· فعندما يخاف المواطن البسيط على قوته وقوت عياله .
· ويرتعب من البطالة والعوز وضيق ذات اليد ومن المرض العضال ، ولا يأمن على مستقبل أولاده .
· ويشعر بالعجز والقهر بسبب قلة دخله أو معاشه .
· ويخاف اشد الخوف من الحكومة ومن اصغر موظف فيها .
· ويتجنب اى احتكاك مع اى من مصالحها .
· ويحمل ألف هم ان اضطر يوما الى إنهاء إجراءات بطاقة او رخصة او فيش و تشبيه .
* * *
· و عندما يخاف الموظف العام من التعسف و النقل و الاضطهاد.
· و يخاف العاملون بالقطاع الخاص من الفصل وقطع العيش والتشرد .
· ويخاف الموظف الكبير من عدم التجديد .
· ويخاف الوزير من الإقالة بجرة قلم من الرئيس .
***
· وعندما يخاف الخريج من البطالة ، فيُجبَر على الاستسلام لإذلال سوق العمل وأربابه ، و يُرَوض على الاستكانة والخنوع والرضا بأقل القليل .
* * *
· وعندما يخاف الشباب فى الأحياء الشعبية من البوكس الأزرق ، الذى يلملمهم من الشوارع ويشحنهم الى أقسام الشرطة فى رحلة من المرمطة والإهانة والإذلال .
· ويخاف أهل القرى والنجوع اشد الخوف من ضابط المباحث ومن الحجز فى التخشيبة بسبب وبدون سبب .
· ويخاف المواطن فى الشارع من جبروت رجال الشرطة ، فحياته قد تنقلب فى لحظة بتهمة ملفقة او علقة ساخنة او تعذيب قاتل .
* * *
· وعندما يخاف الطالب من حرس الجامعة ومن الفصل ومجالس التأديب والحرمان من الامتحانات ومن الشطب فى الانتخابات .
· او يخاف من اضطهاد أستاذ متعسف بلا معقب من قانون او لائحة .
· ثم يخاف الأستاذ من عميده .
· والعميد من رئيس الجامعة .
· ورئيس الجامعة من تقارير امن الدولة .
* * *
· وعندما يخاف القضاة من تحرشات السلطة التنفيذية كما حدث لزميل لهم فى ابريل 2006 .
· او يخافون من النقل أو ضياع منصب رفيع أو ترقية مستحقة .
· او يخافون من تضييقات وزير العدل على ناديهم ان هم انتخبوا قائمة الاستقلال .
* * *
· وعندما يدفع الخوف القائمين على القانون الى انتهاك القانون ومخالفته .
* * *
· وعندما يخاف المهنيون من وضع نقاباتهم تحت الحراسة.
· و يخاف الحزب المعارض من غضب الدولة وإلغاء رخصته أو تجميده أو شقه.
· أو يخاف رئيسه ان تنقلب عليه الحكومة ، فتأتى بغيره فى عشر دقائق بموافقة لجنة الأحزاب .
* * *
· وعندما يخاف الناس من السياسة خوفهم من الاعتقال .
· ويخافون من الاعتقال بسبب الضرب والتعذيب والإذلال ، والرمي فى الزنازين لسنوات وسنوات بدون جريمة وبلا سند من القانون وبلا وسيلة للتظلم .
· وعندما تخاف المعارضة الجادة من تلفيق القضايا والمحاكم العسكرية والحبس والسجن لأشرف مناضليها بدون جريمة يعاقب عليها القانون .
· او يخاف المثقفون الوطنيون من ضياع حياتهم هباء فى معارك الإصلاح والتغيير بلا جدوى ولا نتيجة ولا أمل .
· ويخاف النشطاء السياسيون من إهانات الشرطة فى الوقفات والمسيرات السلمية .
· ويخاف الشباب الوطني من عصا الأمن المركزي وفرق الكاراتيه .
· و عندما يخاف الجميع من قانون الطوارئ.
* * *
· وعندما يخاف رئيس التحرير من العزل أوالحبس.
· ويخاف الكاتب والصحفي من المنع من الكتابة .
· و يخاف مالك الجريدة من منع الإعلانات او المصادرة و الاغلاق .
· حتى كتاب الصحف القومية يرتعشون رعبا من فقد مناصبهم ورواتبهم الجنونية وباقي امتيازاتهم ، ان هم حاولوا أحيانا أن يكونوا موضوعيين .
* * *
· وعندما تخاف القنوات الفضائية من الإيقاف أو الغلق .
· والمذيعون من المنع .
· و يخاف أصحاب الرأى من الحجب الاعلامى و القوائم السوداء ان تخطوا الخطوط الحمراء .
* * *
· وعندما يخاف المرشحون من التزوير.
· و الأنصار من الاعتقال .
· و المندوبون من الضرب والطرد .
· و الناخبون من البلطجية والأمن .
· وعندما يخاف النواب الشرفاء من ثأر الحكومة وانتقامها بإسقاط العضوية او رفع الحصانة او المنع من حضور الجلسات أو الإسقاط فى الانتخابات القادمة ، او المطاردة والاعتقال بعد زوال الحصانة .
· حتى النواب الموالون يخشون استبعادهم فى الدورات القادمة ان منعتهم ضمائرهم مرة من التصويت للحكومة .
***
· وعندما يضطر الشرفاء من رجال الأعمال لموالاة الحكومة خوفا من بطشها و من خراب البيوت.
· و يخاف المنافقون من انقلاب الحكومة عليهم والركن على الرف .
· حتى الكبير منهم ، يدرك ان مكالمة تليفون من أى مسئول مهم يمكن ان تعصف به و تغير مصيره وتفتح عليه أبواب جهنم .
· وهذا المهم يخاف هو الآخر من المسئولين الأهم .
· وكلهم بنظامهم وحكومتهم وكبارهم وصغارهم يخشون الأمريكان ويرتعبون منهم .
· وهكذا...
· في دائرة جهنمية من الخوف الذي لا ينتهي .
***
عندما تكون هذه هي حياتنا، فإنها تكون حياة مستحيلة، لا يمكن أن تستمر.
عندئذ يصبح لمعظم الناس مصلحة مؤكدة في إسقاط هذا النظام المخيف।
منقول للفائدة-الكاتب محمد سيف الدولة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق