13‏/12‏/2010

عندما يعيش شعب بالكامل ....في الخوف

ماذا يحدث لمجتمع يعيش شعبه بالكامل في حالة خوف دائم ؟ فيصبح هو المحرك الرئيسي للناس والمتحكم فى مواقفهم والمسيطر على ضمائرهم . و يكون مطلوبا من أصحاب الحقوق و الصادقين منهم ان يكونوا فدائيين ، ان هم أرادوا فقط ان يطالبوا بحقوقهم ، لا ان يحصلوا عليها . فما الذي يمكن ان يترتب على ذلك ؟ * * * · فعندما يخاف المواطن البسيط على قوته وقوت عياله . · ويرتعب من البطالة والعوز وضيق ذات اليد ومن المرض العضال ، ولا يأمن على مستقبل أولاده . · ويشعر بالعجز والقهر بسبب قلة دخله أو معاشه . · ويخاف اشد الخوف من الحكومة ومن اصغر موظف فيها . · ويتجنب اى احتكاك مع اى من مصالحها . · ويحمل ألف هم ان اضطر يوما الى إنهاء إجراءات بطاقة او رخصة او فيش و تشبيه . * * * · و عندما يخاف الموظف العام من التعسف و النقل و الاضطهاد. · و يخاف العاملون بالقطاع الخاص من الفصل وقطع العيش والتشرد . · ويخاف الموظف الكبير من عدم التجديد . · ويخاف الوزير من الإقالة بجرة قلم من الرئيس . *** · وعندما يخاف الخريج من البطالة ، فيُجبَر على الاستسلام لإذلال سوق العمل وأربابه ، و يُرَوض على الاستكانة والخنوع والرضا بأقل القليل . * * * · وعندما يخاف الشباب فى الأحياء الشعبية من البوكس الأزرق ، الذى يلملمهم من الشوارع ويشحنهم الى أقسام الشرطة فى رحلة من المرمطة والإهانة والإذلال . · ويخاف أهل القرى والنجوع اشد الخوف من ضابط المباحث ومن الحجز فى التخشيبة بسبب وبدون سبب . · ويخاف المواطن فى الشارع من جبروت رجال الشرطة ، فحياته قد تنقلب فى لحظة بتهمة ملفقة او علقة ساخنة او تعذيب قاتل . * * * · وعندما يخاف الطالب من حرس الجامعة ومن الفصل ومجالس التأديب والحرمان من الامتحانات ومن الشطب فى الانتخابات . · او يخاف من اضطهاد أستاذ متعسف بلا معقب من قانون او لائحة . · ثم يخاف الأستاذ من عميده . · والعميد من رئيس الجامعة . · ورئيس الجامعة من تقارير امن الدولة . * * * · وعندما يخاف القضاة من تحرشات السلطة التنفيذية كما حدث لزميل لهم فى ابريل 2006 . · او يخافون من النقل أو ضياع منصب رفيع أو ترقية مستحقة . · او يخافون من تضييقات وزير العدل على ناديهم ان هم انتخبوا قائمة الاستقلال . * * * · وعندما يدفع الخوف القائمين على القانون الى انتهاك القانون ومخالفته . * * * · وعندما يخاف المهنيون من وضع نقاباتهم تحت الحراسة. · و يخاف الحزب المعارض من غضب الدولة وإلغاء رخصته أو تجميده أو شقه. · أو يخاف رئيسه ان تنقلب عليه الحكومة ، فتأتى بغيره فى عشر دقائق بموافقة لجنة الأحزاب . * * * · وعندما يخاف الناس من السياسة خوفهم من الاعتقال . · ويخافون من الاعتقال بسبب الضرب والتعذيب والإذلال ، والرمي فى الزنازين لسنوات وسنوات بدون جريمة وبلا سند من القانون وبلا وسيلة للتظلم . · وعندما تخاف المعارضة الجادة من تلفيق القضايا والمحاكم العسكرية والحبس والسجن لأشرف مناضليها بدون جريمة يعاقب عليها القانون . · او يخاف المثقفون الوطنيون من ضياع حياتهم هباء فى معارك الإصلاح والتغيير بلا جدوى ولا نتيجة ولا أمل . · ويخاف النشطاء السياسيون من إهانات الشرطة فى الوقفات والمسيرات السلمية . · ويخاف الشباب الوطني من عصا الأمن المركزي وفرق الكاراتيه . · و عندما يخاف الجميع من قانون الطوارئ. * * * · وعندما يخاف رئيس التحرير من العزل أوالحبس. · ويخاف الكاتب والصحفي من المنع من الكتابة . · و يخاف مالك الجريدة من منع الإعلانات او المصادرة و الاغلاق . · حتى كتاب الصحف القومية يرتعشون رعبا من فقد مناصبهم ورواتبهم الجنونية وباقي امتيازاتهم ، ان هم حاولوا أحيانا أن يكونوا موضوعيين . * * * · وعندما تخاف القنوات الفضائية من الإيقاف أو الغلق . · والمذيعون من المنع . · و يخاف أصحاب الرأى من الحجب الاعلامى و القوائم السوداء ان تخطوا الخطوط الحمراء . * * * · وعندما يخاف المرشحون من التزوير. · و الأنصار من الاعتقال . · و المندوبون من الضرب والطرد . · و الناخبون من البلطجية والأمن . · وعندما يخاف النواب الشرفاء من ثأر الحكومة وانتقامها بإسقاط العضوية او رفع الحصانة او المنع من حضور الجلسات أو الإسقاط فى الانتخابات القادمة ، او المطاردة والاعتقال بعد زوال الحصانة . · حتى النواب الموالون يخشون استبعادهم فى الدورات القادمة ان منعتهم ضمائرهم مرة من التصويت للحكومة . *** · وعندما يضطر الشرفاء من رجال الأعمال لموالاة الحكومة خوفا من بطشها و من خراب البيوت. · و يخاف المنافقون من انقلاب الحكومة عليهم والركن على الرف . · حتى الكبير منهم ، يدرك ان مكالمة تليفون من أى مسئول مهم يمكن ان تعصف به و تغير مصيره وتفتح عليه أبواب جهنم . · وهذا المهم يخاف هو الآخر من المسئولين الأهم . · وكلهم بنظامهم وحكومتهم وكبارهم وصغارهم يخشون الأمريكان ويرتعبون منهم . · وهكذا... · في دائرة جهنمية من الخوف الذي لا ينتهي . *** عندما تكون هذه هي حياتنا، فإنها تكون حياة مستحيلة، لا يمكن أن تستمر. عندئذ يصبح لمعظم الناس مصلحة مؤكدة في إسقاط هذا النظام المخيف।
منقول للفائدة-الكاتب محمد سيف الدولة

ليست هناك تعليقات:

شاهد مستقبل مصرعلي البنترست