في بداية العام 1977 تبدو البلد هادئة علي السطح وبالداخل يوجد تحولات اجتماعية واخري سياسية معارضة لسياسة السادات ، يمكن بعضها يتسم بالعنف ... والخوف من تجدد الاغتيالات لشخصيات بارزة ، وظهور الجماعات الدينية بالجامعات والشارع المصري وكذلك نشاط لبعض التجمعات الاخري منها الشيوعية .... ،،،علي الجهة الاخري او فوق السطح شعب منتصر ( حرب اكتوبر ) وداخلة امال واحلام الرخاء والسلام الموعودة ، ايضا تقلبات الاوضاع العربية وارتفاعات اسعار البترول ساعدت علي هجرة ايدي عاملة الي بلاد الخليج ... البترول ، هذا باختصار حال مصر قبيل 18و 19 يناير .
اتذكر جيدا تلك الاحداث ،سمعنا هتافات او مظاهرة وجري وفر من قبل مجموعات من الناس ،التنديد كان بسبب قرارات نشرت بالجرائد في هذا اليوم برفع اسعار الوقود والخبز والارز والسكر ... ( العيش البلدي المدعم كان سعرة خمسة مليمات واصبح سعر الجديد عشرة مليمات يعني قرش صاغ ( القرش صاغ طبعا الشباب لا يسمعون عنه الا القليل ده كان مصروف التلميذ في الفترة هذه حوالي قرشين صاغ كانوا بيكفوه ) لكن المشكلة للبسطاء من الشعب كان الكيروسين فكنا نستخدمة كثيرا بوبور الجاز (وبور الجاز هو بوتجاز الغلابة كان صوته جميل جدا يمكن صوتة يساوي صوت ام كلثوم وحليم ...!!) كان سعره خمسة عشرة مليمات ليصبح سعره الجديد خمسة وعشرون مليما ) علي ما اذكر .، المهم بعد الفر والكر من قبل المتظاهريين نتيجة تدخل البوليس ( في تلك الفترة لايوجد قوات للامن المركزي بالشكل المعروف الان او قوات خاصة او فرق كاراتيه ، ) فحدث الهرج والمرج وتحولت المظاهرات الي عنف وقذف قوات البوليس بالحجارة ثم بدءت عمليات الحرق بداية بعربات البوليس الصغيرة والقليله في هذه الحقبة الي حرق اتوبيسات النقل العام و الترويللي باص (كان عبارة عن اتوبيس يمشي بالكهرباء ) والمترو الارضي نالة جزء من التخريب وتم نهب المجمعات الاستهلاكية والمحال العامة البريد ( البوسطة ) ....، لكن اللي انا فاكرة ان الناس الطيبة منعوا كارثة وذلك بمنعهم لهؤلاء الاطفال بحرق الكثير من المحال الاخري مثل محطات الوقود كمصر للبترول ، البنوك ، كذلك محالات الذهب والتي استهدفت من اول الاحداث .
كان معظم المتسابقين للنهب والعنف من الاطفال ويتراوح اعمارهم بين 9 الي 13 عام وببراءة الاطفال حدثت كوميدية حقيقية ممزوجة بالخوف كان هؤلاء الاطفال يتحركون مجموعات غير منظمة اتجهوا الي المجمعات الاستهلاكية والتي كانت بالماضي عبارة عن عربات كبيرة او شاسية سيارة نقل تم وضع كشك كبير عليها لتتحول الي جمعية متنقلة ولكن نتيجة عدم تشغيل تحركها لفترات كبيرة انفجرت الاطارت مع عدم وجود صيانة لها سرقت الاطارات او انتهت ، المهم ان الاطفال كانوا يدخلون المجمعات من فتحة التهوية بسقف الجمعية ،ويتسللون للداخل ويسرقوا كل شئ بدءا من معلبات السردين والبولبيف والمربة ... وكان اهم شئ يتم سرقته هي علب السمن الصناعي والصابون والمنظفات مثل رابسوا او سافو وكان شحيح جدا جدا في هذا الوقت , لا انسي منظر صبي صغير يمكن عمره اصغر من عشرة سنوات يمسك علبة سمن ويسابق الريح وهو حافي القدمين وكانه وجد كنز واخر يمسك علبة السردين او البولبيف ويجري خائفا بدون وعي او اتجاه يعرفه واحب ان اوضح ان المجمعات كانت مغلقة في هذا اليوم او ان الموظفين لم يستمروا بالبيع بسبب احساسهم بسوء نتائج وجودهم في هذا الوقت خصوصا بعد بدء سمع طلقات نار او بدء عمليات الحرق والنهب ،اللي انا اعتقد الان ان الاحداث تلك كانت عفوية من قبل معظم الناس خصوصا القاطنين بالاحياء الشعبية الفقيرة لانهم ماصدقوا ان وجدوا سلع امامهم وبدون مقابل ....
لكن الغريب في احراق اتوبيسات النقل العام ان الاطفال ومعهم شباب اكبر سنا منهم علي ما اذكر يبدءو بأحراق الاطارات ثم يضعوا خرق ملابس بخزان الوقود ويشعلوه ثم يختفي هؤلاء الشباب ويكمل الاطفال الباقي .... والتسائل من جانبي لماذا يقومون بهذا العمل الغريب مع انهم اطفال مثلنا ....،الان اقول العنف كان موجود بينهم لكن فقط عند اشعال فتيل العنف والنهب نتيجة كبت او حرمان لاشياء كثيره ادي لما لا يتصوره عقل ، وما احب ان اوضحه ان بلدنا الحبيب كانت خارجة من حروب استنزفت البلد وكان الاغلبيه من الموظفين بالحكومة او حتي العاملين بالقطاعات الاخري رواتبهم تكفي بالكاد الاحتياجات الاساسية من طعام وملبس واجرة سكن ...،بس الاسعار كانت الي حد ما متناسبة مع اغلبية الطبقات بالذات الطبقة الوسطي والتي كانت محتفظة بكيانها وترسي علي شاطئ الامان ، والطبقة الوسطي بدءت تنهار وفي اواخر السبعينات نتيجة سياسات مثل الانفتاح الاستهلاكي في هذه الفترة والتي راينا فيها الصابون المستورد واللبان ، والشيكولاته ....و... السمن المستورد واللحوم والفراخ .... ومع ذلك كانت الطبقة تلك لا تستطيع ان تشتري هذه السلع وكانت تتسابق علي الوقوف فيطابور الجمعيات الاستهلاكية المدعمة من قبل الدولة ويباع فيها السلع المحلية و وتصرف علي بطاقات خضراء وحمراء ( الخضراء كانت مدعمة كليا ام الحمراء فمدعمة جزءيا )، واللي انا فاكرة كويس وعشته واقفا بالطوابير ان الجمعيات كانت تصرف لكل فرد مقيد بالبطاقة حوالي 1 كيلو سكر ومثلهم تقريبا ارز ولترات من الزيت .... بس ايه ( فظيع ) الزيت ما ينفعش يؤكل مع الفول المدمس لسوء رائحتة او طعمة ( غالبا كله من الشلجم ) واللي احب ان اذكره لكم هو موضوع الانفتاح الاستهلاكي والسلع الفاسدة وبالذات الفراخ والطيور الجارحة وكان ابطالها واصلين جدا واتذكر شحط كبير او حوت فاسد اسمة توفيق عبد الحي وكانت اشهر قضية في هذا الز مان خصوصا لما انتهت فترة حكم السادات اتضحت معالمها جدا الواضح اني واحد من اكله اكثر من مزرعة فراخ فاسدة بالاضافة الي النسور والغربان وووو وحدث ولا حرج (كان مكتوب علي الطيور الجارحة انها فراخ رومي مجمدة ) طبعا يقال انها يتم معالجتها بطرق كثيرة حتي ينتزع منها الروائح الكريهة قبل تجميدها وتصديرها الينا ، الشئ اللي معروف ومشهور لما سئل الاخ الحوت توفيق عبد الحي عن الطيور الجارحة والفراخ الفاسدة التي استوردها قال يا عم ده الشعب المصري معدته تهضم الزلط ( توفيق عبد الحي هرب طبعا كالعادة خارج مصر من ساعتها ) .
يتبع.....

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق